تعيش أوساط الكنيسة الأرثودوكسية الإثيوبية هذه الأيام أجواء من الصدمة والجدل على ضوء إعلان مجموعة من رجالات الدين والقساوسة في إقليم أوروميا، أكبر أقاليم إثيوبيا سكانا ومساحة، تعيين ٢٦ أسقفا دون موافقة المجلس الكنسي.
وتعتبر الكنيسة الإثيوبية أكبر وأعرق مؤسسة في البلاد، بعد الدولة، و ظلت تمثل المؤثر الأول في الحياة السياسية والثقافية حتى عهد قريب.
ففي صباح الأحد 22 يناير قامت مجموعة بقيادة الأب ساويروس، أسقف إبريشيات جنوب وغرب شوا، ومشاركة إثنين من رؤساء الأساقفة بتعيين 17 أسقفا للأبرشيات الواقعة في منطقة أوروميا، و9 آخرين لأبرشيات خارج أوروميا. كما تم تعيين الأب ساويروس مطرانا.
وتمت التعيينات في كنيسة “هرو بالي ولد” بمدينة وليسوا على بعد ١٥٠ جنوب غرب العاصمة أديس أبابا.
دعوة لاجتماع طارئ … وتعليق إداري
وفي أول رد فعل من أعلى مقامات الكنيسة، وصف قداسة البابا أبونا ماثيوس الأول، بطريرك المجمع الموحد للكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، تعيين الأساقفة بأنه عمل “غير قانوني”.
واستدعى البابا ماثيوس جميع أساقفة الكنيسة من كل أنحاء البلاد ومن خارجها لاجتماع طارئ لمناقشة ما اعتبره ” استهدافا ” لمؤسسة الكنيسة.
كما دعا البطريرك الحكومة تحمل مسؤوليتها وضمان أمن مؤسسات الكنيسة، ووجه جميع أتباع الكنيسة ” بالهدوؤ والصلوات”.
وعقدت الهيئة الإدارية العليا للكنيسة ( الجهاز الإداري للكنيسة ) اجتماع طارئا أمس الاثنين برئاسة القسيس بيلاي ميكونين، نائب المدير العام للأبرشية.
وبعد مشاورات معمقة أمرت الهيئة بإيقاف المتهمين بارتكاب جريمة “تدمير” الكنيسة من خلال “التعيينات غير الشرعية” حسب وصف بيان الهيئة.
كما أمرت الهيئة يإيقا رواتبهم وامتيازاتهم، واستبعدت أي نوع من التفاوض مع المجموعة التي وصفتها ” بالخائنة” وتسعى لتدمير الكنيسة.
مطالبات قديمة ومتجددة … مقابل اتهامات بتقسيم الكنيسة عرقيا
وتأتي خطوة تعيين الأساقفة، دون موافقة المجمع الكنسي، بعد مطالبات قديمة ومتجددة من قبل مجموعات من رجال الدين المسيحيين في أوروميا بتمثيل المجتمعات الأورومية داخل المجمع الكنسي وإدخال تعديلات إدارية وشعائرية لاحتواء تلك المجتمعات وثقافاتها.
وفي بيان مطول بعد تعيينه مطرانا، أوضح الأب ساويروس، أن مجموعته اتخذت القرارا بعد أن فشلت مشاورات طويلة الأمد داخل الكنيسة الاستجابة لخدمة المؤمنين بلغاتهم الأصلية واحتواء ثقافتهم، مما أدى إلى فقدان ملايين المؤمنين على مدى السنوات الماضية في أوروميا والمنطقة الجنوبية.
وتعاني الكنيسة الأورثوذكسبة في إقليم أوروميا والجنوب الإثيوبي فقدان كبير لأتباعها، حيث تتحول شرائح مجتمعية كبيرة إلى طائفة البروتيستان، التي تستهوي تعاليمها الاصلاحية وتوجهاتها الليبرالية الكثير من النخب وشرائح الشباب.
واتهم الأب ساويروس المجمع الكنسي الحالي بسيطرة مجموعة واحدة على ٨٥ % من أعضائها، في إشارة إلى قومية الأمهرا، مما يعرقل اجراء أية إصلاحات.
وفي المقابل، تتهم التيارات اليمينية داخل الكنيسة، القوميين بالسعي لإعادة تشكيل الكنيسة على الخط الإثني السائد سياسيا في البلاد.
وعبر الدياكون دانيل كبيرت، الوزير المستشار في مكتب رئيس الوزراء للشؤن الاجتماعية، عن صدمته للخطوة التي اعتبرها تقسيما للكنيسة على اسس عرقية، ودعا للتشاور لحل الأوزمة داخل مؤسسة الكنيسة.