نيلوتيك بوست

حملة الإعلام المصري على اثيوبيا: سياسة ما بعد التجديد للسيسي! أم احتواء للرأي العام المحلي ؟

عبد الشكور عبد الصمد
2023-12-28T09:14:03+03:00
شؤن إقليميةقضايا إفريقية
alt=

فور انتهاء جولة مفاوضات سد النهضة الأخيرة في أديس أبابا دون التوصل إلى اتفاق بدأ الإعلام المصري حملة إعلامية جديدة تحت عنوان “انتهاء المسار التفاوضي”

فتم استضافة وزير الري د. هاني سويلم عبر الهاتف من أديس أبابا على قناة ON في برنامج (كلمة أخيرة) مع المذيعة لميس الحديدي في مداخلة طويلة، وكانت بمثابة التوجيه السني للرأي العام المصري والعربي وللإعلاميين.

ووجه الوزير اتهامات مباشرة لإثيوبيا في ملفات التفاوض وكأنه ناشط أو إعلامي، وظهر تمسكه بسياق مفاوضات واشطن التي يبدو أنها كانت مكسبا لمصر لولا الرفض الإثيوبي.

وفي مساء الأربعاء ٢٠ من ديسمبر٢٠٢٣ استضاف الإعلامي أحمد موسى في برنامجه (على مسئوليتي) على قناة البلد المتحدث باسم وزارة الري المصرية ويقوم بنفس الدور من التحامل والاتهامات التي تخاطب المجتمع والشارع المصري بنبرة التحريض والتجييش.

ولا يختلف عن اللقائين ما قدمه الإعلامي المصري المعارض محمد ناصر، والذي ناقش بلغة متحاملة ومتهمة لنظام السيسي بالتقصير والتفريط في الحقوق المائية المصرية، ومطالبا بالتصرف وضرب السد.

ونجد مثل ذلك في كتابات العديد من الكتاب والنشطاء كما هو حال هاني إبراهيم التحريضي، حيث يصف في كل تغريداته على منصة إيكس (تويتر) سد النهضة بالسد الكارثي.

دعوات قديمة متجددة

ودعا هاني يوم الأربعاء إلى مقاطعة إثيوبيا تجاريا وسحب الاستثمارات المصرية منها، ومنع التمويل عنها، ورفع دعاوي دولية ضدها بسبب ما أسماه بالأضرار الناجمة عن النهضة.

وتجددت الدعوات في الإعلام المصري بكل أنواعه إلى الانسحاب من اتفاقية إعلان المبادئ الموقعة في ٢٠١٥ بين كل من إثيوبيا والسودان ومصر، وهو الاتفاق الإطاري الذي وضع اسس العامة للتفاوض حول مشروع سد النهضة.

كما تحددت الدعوات المصرية المتطرفة والغير واقعية باستخدام القوة العسكرية وتدمير السد، أو استخدام القوى الناعمة لإضعاف إثيوبيا وتحطيمها اقتصاديا، و الاستفادة من ظروف التباينات الداخلية.

وقليل جدا من ترى منه الرغبة للتعاون والعمل المشترك سواء على مستوى النخب السياسية والكتاب والإعلاميين، مما يدل على مستوى الأزمة وصعوبة إمكانية بناء جسور التعاون والعمل المشترك.

حوار ملتهب … وإقليم معقد

فطوفان الأقصى خلط كل الأوراق ، ووضع النار على أبواب مصر، والوضع الاقتصادي الذي تمر به مصر حساس جدا، والملاحة في البحر الأحمر مهددة مع آثارها الاقتصادية على دخل مصر من قناة السويس.

وجوار مصر الغربي في ليبيا متضعضع، وحرب السودان الطاحنة تجاوزت شهرها الثامن ، ولا حل في الأفق، وإنما يظهر أنها تتسع لتدخل منطقة جديدة، مع مخاوف من امتدادها للولاية الشمالية المتاخمة للحدود مع مصر، مما يزيد الأمر تعقيدا وإرباكا للجميع.

كما ان العلاقات المصرية مع الخليج العربي الذي يعتبر الداعم الرئيسي لمصر ولنظام السيسي دون المستوى المنشود مصريا، رغم السخاء الخليجي خلال فترة قدوم السيسي للسلطة وحتى وقت قريب، حيث قامت كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر بضخ ما يصل ل 90 مليار دولار في 7 سنوات الماضية،

ماذا بعد التجديد للسيسي

ومع الإعلان عن التجديد للرًئيس عبد الفتاح السيسي بفترة رئاسية جديدة مدتها ست سنوات، والإعلان في نفس الوقت عن انتهاء المسار التفاوضي لسد النهضة وتجديد الإعلام المصري حملاته الإعلامية ضدة إثيوبيا يتبادر على ذهن المراقب تساؤلات حول خيارات مصر خلال الفترة القادمة.

فمن المشروع للمراقب لهذا المشهد المصري والإقليمي والدولي أن يطرح تساؤلا حول خيارات مصر في التعاطي مع إثيوبيا حول سد النهضة الذي اصبح أيضا جزءا من الواقع الإقليمي.

فهل ستعود مصر إلى طاولة المفاوضات بعد فترة تطول أو تقصر بحسب الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية؟

وهل بقي لمصر من ضغوط دبلوماسية لم تمارسها ضد إثيوبيا بعد ما ذهبت لمجلس الأمن، و الجمعية العامة للأمم المتحدة، وللاتحاد الأوروبي، مرارا وتكرارا لتعيد تلك الجهات الملف إلى الاتحاد الأفريقي باعتباره المنظمة الاقليمية المخولة برعاية التفاوض بين اعضائه، رغم اعتراض مصر.

ألا يوجد في جعبة نخب وقيادة مصر طرح جديد وأسلوب آخر للتعاون؟

ففي ظل وضع اقليمي معقد وجوار مصري ملتهب من كل الزوايا، أليس الأولى والأجدر بمصر تطوير علاقة تعاون وود مع شركاء المصير والجغرافيا والموارد بدل قطع كل أوجه التعاون والتكامل للاستفادة من المورد المشترك؟

نحن بدورنا نقول يوجد مساحة كبيرة للتعاون والتكامل بين مصر وإثيوبيا ولكن على النخب والقيادة المصرية التفكير خارج الصندوق، وتحديدا التفكير فيما بعد سد النهضة.