نيلوتيك بوست

مع الجهود المبذولة لاستئناف مفاوضات سد النهضة … ما هي متطلبات الوصول لاتفاق مربح للجميح

alt=

أعاد مجلس الأمن الدولي مجددا ملف سد النهضة إلى البيت الافريقي، داعيا لإستئناف المفاوضات الثلاثية بقيادة الإتحاد الأفريقي. وأكد عدم إختصاصه بقضايا المياه، الأمر الذي يُدَعِم ما كنا نقوله بأن المجلس لا يستطيع الفصل في الملف، لأنه ليس ملفا أمنيا أو نزاع يمكن فصله بالقرارات.

ورغم محاولات مصر والسودان إضفاء الطابع الأمني على سد النهضة، فإن إثيوبيا أثبتت انه مشروع تنموي تبنيه دولة المنبع على نهر ينبع من أراضها، وتتفاوض حوله مع دولتي المصب لتجنبهم أية اضرار محتملة، وذلك تطبيقا لمبداء عدم التسبب بضرر ذي شأن لدول المصب. لذلك فإن الأمر يتطلب الإتفاق بين الدول المعنية وفق قانون الأنهار العابرة للحدود والمبادئ الموقعة بين الدول الثلاثة وليس التدويل.

في الحقيقة لا يحتاج الأمر إلى كل هذه الجولات التفاوضية والمحاولات الحثيثة لتدويل المشروع. بل يمكن التوصل إلى إتفاق مربح للجميع، إذا توفرت الإرادة السياسية لدى مصر والسودان، وأقرتا بحق إثيوبيا في التنمية.

يمكن للدول الثلاثة الإتفاق على اللمبادئ الإرشادية الموجهة لملء وتشغيل السد وفق إتفاق إعلان المبادئ، وحسب مبدء “الإستخدام العادل والمنصف”، والتخلى عن مطالبهما الحالية التي تتعارض مع هذا المبدأ، والمتمثلة بما يسمى الحقوق أو الحصة التاريخية، والتي حصلوا عليها من خلال إتفاقية ثنائية ظالمة استثنت دول المنبع وابرمت بينهما في ١٩٥٩ .

وبتلك الطريقة سيكون التفاوض على قاعدة لا ضرر ولا ضرار وأن “النيل للجميع”. أما إطلاق التهديدات وحشد القوات في الحدود ومحاولة زعزعة إستقرار إثيوبيا بدعم حركات التمرد والتورط في الشؤون الداخلية لإثيوبيا لن يحقق شيئا سوى تعقيد الأمور أكثر.

وتجدر الإشارة أن لا توجد سابقة في العالم أن هددت دول المصب دولة المنبع بالخيار العسكري، كما لا يمكن الإستحواذ على مياه النهر من خلال التهديد أو بتنفيذ ضربة عسكرية. لأنه ببساطة يستحيل منع دولة المنبع الاستفادة من المياه بالقوة العسكرية.

ولا نعلم سبب غياب هذا المنطق لدى معظم النخب المصرية التي يتصدرهم وزير الري المصري الأسبق محمد ناصر علامة، وتطالب ليل ونهار بعمل عسكري ضد سد النهضة.

ندعو النخب المصرية للتعقل والنظر إلى تجارب الدول التي تتشارك في الأنهار حول العالم، وكيفية توصلهم إلى إتفاق بين دولة المنبع ودول المصب. والمعروف أن هذه الدول انتهجت مبدء التعاون و الحوار والتفاوض، و توصلت إلى اتفاق مربح للجميع، دون تحويل الملف إلى أزمة دولية.

تحتاج مصر إلى مراجعة سياستها تجاه نهر النيل وتغيير منهجيتها الحالية واعتماد مبدء التعاون و بالتخلي عن العقلية الإحتكارية، لأن إثيوبيا لا تسعى للإضرار بمصر والسودان .

ومع دعوة مجلس الأمن الدولى لإستئناف العملية التفاوضية برعاية الإتحاد الأفريقي، يجب أن تتوفر لدى المفاوض المصري والسوداني الإرادة السياسية والانخراط في المفاوضات بحسن نية، وفق روح إتفاق إعلان المبادئ الموقعة في ٢٠١٥ لكي لا تتعثر الجولات القادمة مثل سابقاتها.

على المفاوض المصري التخلي عن سياسة “سقف المطالب العالية” التي اتسم بها خلال الجولات التفاوضية السابقة، ومحاولة فرض الحصة التاريخية المزعومة في مفاوضات مخصصة في الأساس لقواعد الملء وتشغيل السد، مما أدى إلى مراوحة المفاوضات مكانها.

كما أن المفاوض السوداني يجب أن يكون واضحا في موقفه ومطالبه، بدل التناقض والتذذب الذي إتسم به خلال الجولات الماضية مما أربك الجولات السابقة من المفاوضات.

Exit mobile version