قبل أسبوع نشر موقع الجزيرة مقالا للرئيس الاثيوبي الأسبق مولاتو تيشوم يتهم فيه إرتريا وبالتحدبد الرئيس إسياس أفورقي، رئيس إرتريا الوحيد منذ ميلادها في ١٩٩٣ ، حسب تعبير المقال، بتهديد استقرار إثيوبيا والقرن الأفريقي، داعيًا المجتمع الدولي إلى ردعه، وحماية عملية السلام في إقليم تيغراي.
ويأتي هذا التحذير في سياق توترات متصاعدة بين البلدين، حيث تتفاعل الصراعات الداخلية في إثيوبيا مع التدخلات الإرترية حسب تقارير .
وترجح بعض الأوساط الإعلامية أن المقال يعبر عن نفد صبر إثيوبيا إزاء تحركات إسياس سيما بعد أزمة السفن الأذرية التي أوقفتها أسمرة واستولت على الشحنة العسكرية التي قيل إنها كانت في طريقها لأديس أبابا.
تأجيج الصراعات
يأتي التحذير الاثيوبي مع تصاعد الأزمات في إقليم تغراي، شمالي البلاد على خلفية الانقسام داخل الجبهة الشعبية لتحرير تغراي بعد اتفاقية بريتوريا ، وسعي النظام الإرتري لإرباك الوضع في بالتحالف مع فصيل ديبرصيون رئيس الجبهة ضد حكومة الإقليم المؤقتة بقيادة غيتاشو ردا وضد الحكومة المركزية.
وفي هذا السياق اتهم وزير الري والمنخفضات أبراهام بلاي، والذي ينتمي إلى إقليم تيغراي وشغل في السابق منصب وزير دفاع الحكومة الفيدرالية إبان حرب تيغراي احد فصائل جبهة تيغراي التعامل مع أطراف خارجية واعتبر ذلك ” خيانة” ، في إشارة إلى تقارير حول لقاء قيادات جبهة تحرير تغراي بمسؤلين إرتريين. وهو ما رفضته الجبهة.
وفي مقابلة إعلامية، أكد السيد سبحات نغا، أحد قادة جبهة تحرير تيغراي التاريخيين، من منفاه الاختياري، استمرار التفاهم التاريخي مع الجبهة الشعبة لتحرير ارتريا الحاكمة في اسمرا منذ استقلاقها، وهو تفاهم يعود إلى فترة التمرد ضد اثيوبيا مما يعزز شكاوى إثيوبيا بتأجيج إرتريا خلافات الداخل الإثيوبي.
أضف إلى ذلك تورط أسمرا في الحرب الجارية في إقليم أمهرا عبر علاقاتها بالمجموعات المسلحة في الإقليم المجاور تيغراي.
ضغوط دولية وإقليمية
وفي ٢٧ من فبراير المنصرم عبرت الأمم المتحدة عن قلقها بسبب استمرار تواجد القوات الإرترية في إقليم تيغراي الإثيوبي واعتبرتها مسؤلة عن الانتهاكات المستمرة هناك وهو ما أكدته تقارير متواردة منذ اندلاع حرب تيغراي في نوفمبر 2020
فحسب تقارير دولية ومحلية موثقة استغلت ارتريا حرب تيغراي بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تيغراي (2020-2022) لارتكاب انتهاكات ومجازر وثقتها منظمات دولية فظيعة بارتكاب انتهاكات حقوقية.
وإفريقيا تشير تقارير إعلامية إلى أن زيارة مفوض السلم والأمن الإفريقي، بانكول أديوي، إلى إرتريا بالأمس حملت رسالة تحذيرية أخيرة، تطالبها بوقف تدخلاتها التي تستهدف عرقلة تنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام في اثيوبيا حيث يمثل تحديًا للمجتمع الدولي بأسره، الذي يرى في الاتفاق ضمانا لاستقرار المنطقة.
هل بات الحسم سيد الموقف
حقيقة تواجد قوات ارتريا في مناطق شمال إثيوبيا وتفاعلها مع صراعات الداخل الاثيوبي أمر مفروغ منه.
والرد الإرتري الرسمي وعبر نشطائها الإعلامين على كل هذ التحذيرات والتوتر المتصاعد “مكابر ” كالمعتاد، ولا يبدو أن اتفاق السلام الذي جاء بمبادرة إثيوبيا قد ساهم بشيء في تغيير سلوك وشخصية الرئيس إسياس أفورقي الذي استمرأ العيش على وقع الصراعات.
إثيوبيا أمام استحقاقات داخلية واقليمية مصيرية، ولا تتحمل الدخول في دورة جديدة من حالة “اللاسلم واللاحرب” المستنزفة ويسعى إسياس في جعلها واقعا جديدا، وتحركات أديس أبابا الدبلوماسية المتعددة المسارات، وما يترشح من قراءة تحركات الداخل، توحي بأن هناك مساع “لتجهيز المسرح للحظة الحسم”
فهل نحن أمام مرحلة جديدة من مراحل الشد والجذب بين البلدين وفي عموم القرن الإفريقي، قد يبدو ذلك للوهلة الأولى، لكن استحقاقات الداخل الاثيوبي لا تسمح باستمارار الاستنزاف المزمن في خاصرتها الشمالية.