دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي في كلمته الافتتاحية خلال القمة السادسة والثلاثين إلى اتخاذ إجراءات كفيلة بمنع الانقلابات العسكرية و التغييرات غيرالدستورية في إفريقيا.
واقترح السيد موسى فكي إصلاح مجلس الأمن والسلم الإفريقي وتمكينه من فرض عقوبات رادعة على الدول التي تحصل فيها الانقلابات، كما هو الحال في مالي مالي وغينيا وبوركينا فاسو والسودان، مع مراعاة الجوانب الإنسانية الناجمة عن العقوبات.
ودعوة رئيس المفوضية تعبير عن رأى غالبية النخب الإفريقية القلقة من عودة الانقلابات العسكرية إلى القارة، ومناداتها بضرورة الوقوف أمام المد الاستبدادي المتجدد بدعوى فشل المسار الديمقراطي في تحقيق طموحات الشعوب.
و مجلس الأمن والسلم الإفريقي هو الجهة المخولة باتخاذ التدابير اللازمة لضمان الاستقرار السياسي والأمني في القارة، والإجراء الذي يتخذه ضد التغييرات غير الدستورية هو تعليق العضوية في الاتحاد الأفريقي، و يترك للمجموعات الإقليمية اتخاذ إجراءات مناسبة، بهدف الضغط اقتصاديا وسياسيا، للإسراع بالعودة للمسار المدني الديمقراطي.
وفي هذا الإطار، قامت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، إيكواس، بفرض عقوبات اقتصادية صارمة ضد كل من مالي وغينيا وبوركينا فاسو بفرض عقوبات اقتصادية.
وفي سعيها لفك العزلة الإفريقية كونت كل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا جبهة موحدة لممارسة ضغوط خلال اجتماعات القمة لأجل العودة إلى الاتحاد الإفريقي، ولكنها لم تفلح في إحداث اختراق يذكر بسبب الموقف المبدئي والقانوني الذي تستند إليه الدول الرافضة للاعتراف بما ينتج عن الانقلابات.
وفي ذات السياق تطالب بعض الدول والنخب بإلغاء تعليق عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي باعتبار أن ما قام به المكون العسكري في ٢٥ يناير ٢٠٢٢ من تقويض العملية السياسية و المسار الديمقراطي ليس انقلابا، إلا أن تمسك كل من جنوب أفريقيا ونيجيريا وتبني مفوض مجلس السلم والأمن الإفريقي أفشل المحاولة، كما أفاد مصادر دبلوماسي سوداني.
وهنا نشير لرأي النخب المؤيدة للتغييرات غير الدستورية بدعوى أن الاتحاد الافريقي يتصرف بإيحات غربية، وأن الدول اغرب إفريقيا عانت من ظلم واستغلال الاستعمار الغربي وخاصة الفرنسي الذي ما زال مهيمنا، وأن مجموعة الإيكواس تنفذ رغبة ومشروع الهيمنة، وتسعى لتحجيم الحراك الساعي للانعتاق واستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي الذي تمثله الحركات الانقلابية، حسب رأي المؤيدين.
خلاصة القول إن الانقلابات العسكرية والاستبداد السياسي من أهم أسباب عرقلة النمو الطبيعي للحياة السياسية ونضجها، كما أن تركيبة المجموعات العسكرية وصناعة القرار لديها، سهلة الاختراق والاستيعاب من قبل الباحثين عن النفوذوالفساد من القوى الدولية والنخب ومجموعات المصالح المحلية والإقليمية.
وعلية وجب اصلاح المؤسسات الإفريقية وتمكينها بآليات وصلاحيات نافذة تمكنها من التصدي للانقلابات والتغييرات الدستورية حتى لا تتسع مجددا، فتعود القارة لذكريات الستينات والسبعينات وآثارها التي لم تنفك عنها بعد.