انعقاد قمة دول الإيغاد بمشاركة عالية على مستوى الرؤساء يعتبر، في حد ذاته، إنجازا ديبلوماسيا للسودان وتحديدا لرئيس وزرائها د. عبد الله حمدوك .
فإلى جانب رئيس وزراء السودان الذي يترأس الدورة الحالية للمنظمة، شارك في القمة الاستثنائية الثامنة والثلاثون رؤساء كل من جيبوتي وكينيا والصومال بالإضافة إلى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ونائب رئيس دولة جنوب السودان ريبيكا قرنق.
أوضاع داخلية معقدة
جاءت القمة وسط مجموعة من التطورات داخل الدول المحورية الأعضاء في المنظمة من الأحداث المهمة
فإثيوبيا قامت بعمليات عسكرية لإزاحة جبهة تحرير تغراي عن حكم إقليم الشمال المحاذي للسودان وإرتريا، والذي انزوت الجبهة إلى تيغراي بعد ما فقدت قيادتها للمشهد السياسي بوصول آبي أحمد للسلطة في 2018.
حكومة أبي أحمد تتهم الجبهة بالخروج على القانون بعقد انتخابات غير شرعية، واستهداف قطاع الشمال في الجيش الإثيوبي، وتأزيم الوضع الداخلي، لذا ترى ضرورة إزاحتها عن حكم الإقليم ، وتقديم قادتها للمحاكم باعتبارهم مجموعة خارجة على القانون.
بينما أبدت أطراف إقليمية ودولية تخوفها من تدعيات الوضع في اقليم تغراي على منطقة الفرن الأفريقي وشرق إفريقيا برمتها.
السودان هو أول المتأثرين بما جرى ويجري في الإقليم، حيث تدفق عشرات الآلاف الفارين من المعارك التي جرت هناك . ويأتي تدفق اللاجئين نحو السودان وهو في ظروف اقتصادية لا يحسد عليها. كما أن السودان لديه مخاوف من اختراقات أمنية عبر حدوده مع إقليم تغراي، مسرح عمليات الجيش الإثيوبي.
والسودان من جانبه يعاني من تصاعد التوتر والتنافس داخل الأطر السياسية المكونة للسطلة الانتقالي التي يبدو أن التيار المدني بقيادة حمدوك هو أضعف حلقاتها.
أما الصومال فحركةالشباب تضرب بقوة وعنف مستغلة فيما يبدو إعادة انتشار قوات أوميسوم على ضوء إعادة هيكلة قواتها بعد. كما أن التوتر السايسي بين المتنافسين في الانتخابا ت التشريعية و الرئاسية القادمة يزداد حدة واستقطابا.
علاقات بينية متوترة
على مستوى العلاقات البينية تأتي قمة الإيغاد وسط توتر كبير في العلاقات الصومالية الكينية على خلفية اتهام الصومال لكينيا بالتدخل في الشؤون الداخلية للصومال، باحتضان ودعم المنافسين للرئيس محمد فورماجو في الانتخابات الرئاسية المقررة في يناير المقبل.
ووصل التوتر بين البلدين حد قطع العلاقات الديبلوماسية من قبل الصومال، ووردت تقارير عن تحركات عسكرية كينية في مدينة “منديرا” الحدودية، وإرسال الصومال تعزيزات إلى مدينة “بلدحاوه”. وهناك مخاوف من اندلاع اشتبكات بين الطرفين حسب ما أورده موقع أخبار الصومال على لسان محمد أحمد عراي نائب رئيس إدارة منديرا نقلا عن مقابلة مع إذاعة الـ بي بي سي.
كما دفع السودان بحشود عسكرية كبيرة للسيطرة على منطقة الفشقة المختلف عليها مع اثيوبيا، إثر وقوع اشتبكات بين كتيبة سودانية وملشيات إثيوبية محلية. وقام الجيش السوداني بالسيطرة على مساحات كبيرة من الفشقة ، وهو مااعتبرته اطراف اثيوبية استغلالا من قبل السودان لما يجري في إقليم تغراي. واتهمت إثيوبيا أطرافا سودانية بدعم جبهة تحرير تغراي .
أطراف إقليمة: الحاضر الغائب
فقد اتهمت جبهة تحرير تغراي أسمرا بالتدخل إلى جانب الحكومة الاثيوبية ، وبالتوغل داخل الإقليم ، والامارات العربية بدعم الجيش الإثيوبي بالطائرات المسيرة.
ومن جهة أخرى تتهم أطراف إثيوبية مصر بتحريك حلفائها داخل السودان لإثارة قضية الفشقة ودفع الجيش السوداني إلى افتعال مواجهة غير مبررة مع اثيوبيا، كما أن الصومال يرى في الامارات داعما كبيرا للمنافسين للرئيس محمد فورماجو
لا شك أن حجم التحديات كبير ومتداخل وهو ما يجعل انعقاد القمة في حد ذاته محل تقدير حسب تعلق رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي على صفحته في تويتر، ويجعلها فعلا قمة استثنائية ، لكن هل تخرج بقرارات وحلول استثنائية، سيما وأن منظمة الإيغاد تنموية في الاصل وقرارتها توافقية.