القرن الإفريقي بين تطلعات شعوبه وتقاطعات المصالح الدولية

يعيش القرن الإفريقي استقطابا يذكرنا أجواء الحرب الباردة، بتنافس شرقي وغربي حلت فيه ‎الصين اليوم محل ‎الاتحاد السوفيتي آن ذاك، ولكن بدون أيدولوجياسياسية.

عبد الشكور عبد الصمد28 مايو 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
عبد الشكور عبد الصمد
مقالات رأي
Ad Space
القرن الإفريقي بين تطلعات شعوبه وتقاطعات المصالح الدولية

الإجراءات التي أعلنتها الولايات المتحدة ضد إثيوبيا وإريتريا ستنعكس، حتما، على الشعبين أكثر من النظامين، إذا ما تم توسيع نطاقها. المؤسف أن الشعوب دائما هي من يدفع الثمن مضاعفا.

‏المنطقة مقبلة على توترات تذكرنا أجواء الحرب الباردة في ستينات وسبعينات القرن الماضي، بتنافس شرقي وغربي حلت فيه ‎الصين اليوم محل ‎الاتحاد السوفيتي آن ذاك، ولكن بدون أيدولوجياسياسية.
‎أمريكا تسعى للحفاظ على ‎القرن الإفريقي الذي تعتبره محمية خاصة، بعد ما ضمنت أن ‎السودان عاد لبيت الطاعة. بينما تسعي الصين للاستحواذ علي المنطقة باعتبارها بواوبة الشرق الإفريقي.

‏هناك دور يقوم به لاعبون آخرون، إما يكملون فيه الدور ‎الأمريكى وينسقون معه، ومصالحهم مرعية، كما هو حال فرنسا التي أصبحت قائدة أوروبا بعد تراجع الدور البريطاني والألماني.
وهناك قوى مستقلة تحاول فرض مصالحها كروسيا وتركيا، وأخرى وظيفية تستطيع خلط الأوراق خدمة لأجندات الآخرين.

يتحرك الغرب للاحتقاظ بالقرن الإفريقي على ضوء التمدد الصيني، وتركيا وروسيا تتحركان لضمان مصالحهما، بينما يوجد لا عبون يغززون هذا الطرف أو ذاك

‏القيادات السياسية في المنطقة منشغلة بملفات مُرحَّلة منذ عقود، فلا ترى إلا ما هو موجود أمامها، أو مدفوعة لتكون كذلك، معظمها ليست أهلاً للمسؤلية. شعوب المنطقة مغيبة عن التأثير في مجريات الأحداث، بفعل غياب مؤسسات حكم وطنية ديمقراطية.

‏الخلاف بين أديس أبابا ومقلي كان بالإمكان احتوائه لو غلّب الطرفان مصلحة البلد والشعب.
الجبهة الشعبية لتحرير تجراي تناست التاريخ، فلم تسمح ‎للجبهة تحرير أوروميا أن تبقى مخالفة لحكمها في التسعينات، وأعلنتها منظمة إرهابية، واستخدمت القمع ونكلت بكل من اشتبهت في ولائهم لها، وظل هذا السيف مسلطا على الرقاب حتى خرجت من السلطة.

‏واليوم ساكن قصر كيلو ٤ ، يرى ضرورة فرض هيبة الدولة، وإخضاع الأقاليم أولوية تسبق الحفاظ على الحقوق والحريات، وبعد إعادة الجميع لبيت الطاعة يمكن خلق إجماع وطني تحل به الخلافات، وتُرتب بعده الأولويات.
في خضم كل هذه الأحداث المتسارعة يأتي دور أصحاب المصالح من المجتمع الدولي للتأثير على المشهد، واستخدام المساعدات عامل ترغيب وترهيب.

انتهاكات حقوق الإنسان في تجراي خاصة، وفي عموم إثيوبيا تستحق وقفة جادة، ومؤلمة أكثر تلك الموجهة ضد النساء والأطفال.
لقد اختلطت الأوراق حتى أصبح من الصعوبة تمييز الفاعلين الحقيقيين، ودوافع ممارسة هذه الجرائم، ودخول القوات الإرترية على الخط زاد الأمور حدة وغموضا، وفتح المجال لإمكانية تدخل قوى تستفيد من اضطراب المنطقة وتمزقها.

تدخل القوات الارترية في النزاع الإثيوبي الداخلي أدى لتفاقم الخلاف وعزز من انتهاكات حقوق الإنسان، وفتح المجال لتدخل أطراف أخرى للاستفادة من اضطراب المنطقة

في هذه المرحلة من تاريخ المنطقة عامة، وإثيوبيا خاصة هناك تقاطع وتعارض لمصالح قوى محلية وإقليمية ودولية، والجمع بينها ومحاولة إرضاء أحداها قد يغضب الأخرى، ومحاولة السير بما يراعي هذه الحالة يتطلب حذرا ومهارات، وربما دفع أثمان باهظة، ونتمنى أن لا تكون على حساب الحقوق والحريات وتعايش شعوب المنطقة. وعلى الجميع وخاصة القوى المحلية إدراك ذلك ومراعاته.

‏مخالفة صاحب الفضل لا تغتفر، ويجب أن ينال الرافض جزاءه، وقد يطول الزمن أو يقصر، والعبرة بالخواتيم. والشواهد حاضرة، والخروج عن النص مسموح بأصوله. ننتظر المآلات قبل أن نصدر الأحكام. وللشعوب رأي ومواقف لو استشيرت، ولكن الفاعل لا يريد.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق
ملاحظة: تم تفعيل مشاركة الارباح لهذا الاعلان
يجب عليك تعيين "Adsense: data-ad-client" و "Adsense: data-ad-slot" من لوحة تحكم القالب