خلال العقود الثلاثة الماضيه كانت السيطرة على المجلس الأعلى للشؤن الإسلامية في إثيوبيا للتيار الصوفي.
وظلت التيارات الحركية طوال تلك الفترة “تيارا معارضا” للحكم وللمجلس، وتشتكي من تدخل المجلس في الشؤن الخاصة لإدارة مساجدها ومعاهدها الدينية وجمعياتها الخيرية المنتشرة في ربوع البلاد.
وبالفعل كانت الدوائر الأمنية والإدارية تستفيد من المجلس الإسلامي لضبط الحالة الإسلامية. وفي الحقيقة هذا دوره الوظيفي، ومن الوهم أن نعتقد أن للمجلس سيكون دورا آخر غير ذلك الدور الوظيفي.
ولقد أدت المناكفات والصراعات بين التيارات الحركية والصوفية خلال الفترة الماضية إلى تضيع طاقات المجتمع المسلم في معارك وهمية، وتحريف بوصلته عن الانشغال بعموم القضايا الوطنية. ومازال الحال كذالك . وهو ما سنتناوله في مقال قادم.
وعلى العموم فكانت الجهات الأمنية وما زالت لا تمنح التراخيص للمساجد والمؤسسات الخيرية الدينية الا بتوصية وفسح من المجلس الإسلامي بحكم دوره الوظيفي.
وفي نفس الوقت منح العهد السابق قدرا كبيرا من حرية العمل والحركة للتيارات الحركية عبر مؤسساتها الدينية والخيرية، مما ساعد على انتشار ايديولوجيات الفكر الحركي وطغيانها في ربوع البلاد.
ولقد ظل التيار الحركي يرفض خلال العقود الماضية وصاية المجلس ويناضل من أجل استقلالية مؤسساته من جهة، ومن جهة أخرى كان في صراع مرير مع التيار الصوفي للسيطرة على سلطة المجلس كممثل للمسلمين.
واليوم، وبعد أن آلت إليه السلطة الدينية، واعتقادا منه أنها سلطة دائمة انقلب التيار الحركي على حرية المؤسسات الإسلامية واستقلاليتها واصبح ينادي بسيطرة المجلس على جميع شؤن المؤسسات الدينية.
إنها شهوة السلطة والسيطرة، وانها انتهازية التيارات الإسلامية بشقيها الحرمي والصوفي، مما أدخل المجتمع المسلم في عقود من الصراع الداخلي واستنزاف للطاقات في المناكفات والمماحكات.
ففي هذا الصدد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي عن اللجنة التساعية التي تم تشكيلها للمناقشة قضية المساجد غير المرخصة إثارتها لقضية المساجد المستقلة وقالت “ان المشاكل التي حصلت في الأسبوعين الماضيين كانت بسبب عدم سيطرة مجلس العاصمة أديس أبابا على إدارة مسجدي الأنوار ومسجد بنين التاريخيين”
والمسجدان هما أكبر مساجد البلاد حيث يقعان في وسط العاصمة أديس أبابا ويتمتعان بموارد اقتصادية، ويسيطر عليهما التيار الصوفي.
وأضافت اللجنة أن المساجد التي تحت إدارة المجلس التزمت بتعليماته بعدم تأجيج مشاعر المسلمين خلال خطبة وأدعية الجمعة.
واتهمت اللجنة تيارا داخل المسلمين لا يؤمن بالمجلس الحالي وسلطته بإثارة الاحتجاجات وأعمال الشغب.
ويطالب المجلس ببسط سلطته وسيطرته على تلك المساجد ودخول المؤسسات الأخرى تحت وصايته.
فللأسف، وفي انتهازية معهودة يستخدم التيار الحركي نفس العصى اللتي استخدمتها المجالس السابقة ضد المؤسسات الإسلامية، ويحاول الغاء استقلاليتها و سلب حرية المجتمعات المسلمة في إدارة دور العبادة والمؤسسات والمعاهد الأهلية.
ونحن نخشى أن تستفيد الجهات المعادية لحرية المسلمين المدنية أن تستغل عطش التيار الحركي للسلطة في خلق هيئة إسلامية “دكتاتورية” باسم الدين وتسلب المسلمين حريتهم الدينية والفكرية.
فتكتيكات التيارات الحركية قد تصل بنا إلى قوله تعالى “قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا”
فتنبهوا يا مسلمين : فلا ديكتاتورية دينية باسم وحدة المسلمين