أصدرت الخارجية الإثيوبية بيانا مطولا في ١٧ مايو الجاري أسهبت فيه تفاصيل جهودها لمعالجة تداعيات الصراع في إقليم تيغراي شمالي البلاد، والاستجابة للأزمة الإنسانية وتداعياتها هناك.
كما تطرق البيان لجهود مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية لإجراء تحقيقات مشترك مع الأمم المتحدة حول الانتهاكات في الإقليم.
وأوضح البيان أيضا مساعي الحكومة الإثيوبية لخلق توافق وطني بالتشاور مع الأحزاب السياسية المعترف بها في البلاد.
وتشكك الحكومة الإثيوبية في دوافع الحملات الإعلامية والدبلوماسية ضدها رغم الجهود المبذولة للاستجابة للاهتمامات المجتمع الدولي.
ضغوط أمريكية على خلفية الصراع في تيغراي
وأصدرت الخارجية الأمريكية بيانا حول زيارة المبعوث الأمريكي إلى القرن الإفريقي جيفري فيلتمان، اتهمت فيه قوات عسكرية بمنع وصول المساعدات الإنسانية لإقليم تيغراي، ودعت إلى خروج قوات أمهرا من الإقليم، وتعهدت بالعمل مع الحلفاء الدوليين للوصول لوقف اطلاق النار ومحاسبة المسؤلين عن الانتهاكات.
وتعتبر إثيوبيا المطالبات الغربية بإخراج القوات الخاصة التابعة لإقليم أمهرا من إقليم تيغراي تدخلا في شؤنها الداخلية.
وقال بيان الخارجية “إثيوبيا دولة ذات سيادة، ولا يمكنها قبول أي إملاءات من الخارج حول كيفية إدارة شؤونها الداخلية” وأضاف ” نشر الأطر والهياكل الأمنية لضمان انفاذ القانون ضمن الحدود الوطنية هو من مسؤولية الحكومة الإثيوبية”.
كما ترفض إثيوبيا الضغوط الدولية إنهاء الأعمال القتالية في تيغراي والتفاوض مع جبهة تيغراي.
وخلص بيان الخارجية الإثيوبية إلى اضطرار أديس أبابا إعادة تقييم علاقاتها في ظل استمرار الحملات الغير مبررة حسب وصف البيان.
فهل فعلا نحن أمام منعطف تاريخي في علاقات إثيوبيا مع الغرب عموما ومع الولايات المتحدة على وجه الخصوص، أما أنها سحابة صيف.
يقول الصحفي والباحث السياسي من جامعة أديس أبابا خالد محمد أن إثيوبيا دولة عريقة، لكنها تعيش الآن ظروفا استثنائية اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، وهناك خلافات بين الأقاليم، بسبب زوال النظام القابض على الأمور خلال العقود الماضية والذي استغل الهيكلة الفيدرالية لتحقيق قبضته على السلطة.
ويشير خالد إلى أن إثيوبيا تعتمد كثيرا على المساعدات والمنح الدولية خاصة من الغرب، لذا يرى ضرورة الحفاظ على علاقات جيدة مع أمريكا وأوروبا، لضمان نموها الاقتصادي و تأثيرها الإقليم .
وأضاف “يجب أن نتوقف قليلا ونفكر في كيفية إصلاح علاقاتنا الدبلوماسية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تمر بها البلاد”
ويرى خالد أن الوضع الإقلمي حاليا والتهديدات التي تواجهها إثويوبيا من قبل مثر والسودان يحتم على أديس أبابا البحث عن مخرج دبلوماسي لضمان علاقاتها الاستراتيجية مع الغرب.
تحشيد شعبي ضد الولايات المتحدة
وتشهد الساحة السياسية في إثيوبيا تصعيدا شعبيا وسياسيا، غير مسبوق، ضد الولايات المتحدة من قبل التيار الوحدوية بدعوى الحفاظ على السيادة الوطنية.
ودعى السياسي البارز إندارغاشو سيغا الإثيوبيين الخروج في مظاهرات مليونية ضد أمريكا، و تعهد بحرق علمها شخصيا، أمام سفارتها في أديس أبابا. واتهم اندارغاشو الولايات المتحدة بالسعي لتدمير الدول بدعوى حقوق الإنسان، لتثبيت حكومات موالية حسب رأيه.
إندار غاشو، هو قيادي بارز في تنظيم ” غينبوت سبات ” الأمهري الذي أعلن التمرد المسلح بعد انتخابات ٢٠٠٥ ضد إثيوبيا انطلاقا من الأراضي الارترية، ، وقُبض عليه في اليمن، ونقل إلى إثيوبيا وحكم عليه بالمؤبد في ٢٠١٤، وتم العفو عنه بعد وصول آبي أحمد للسلطة.
ويرى خالد أن بعض الأطراف الوطنية ترى السيادة الوطنية من منظورها الجهوي وفي إطار مصلحتها السياسية، وذلك لأن مطالبات أمريكا تستهدفهم مباشرة، وهم يستندون إلى السيادة لمواجهة أي تغيير في الوضع الراهن.
وحول المطالبات الغربية تحقيق توافق وطني يرى خالد أن التوافق هو مطلب وطني بالأساس، وظلت تطالب به التيارات السياسية منذ ثلاث سنوات. لكن ، حسب رأي خالد هناك أطراف تعرقل ذلك لأنها في الحقيقه هي جزء من المشكلة ، وأضاف ” تحقيق التوافق يعني المسألة، ولأنهم جزء من المشكلة فلا يريدون ذلك”.