أعمال الشغب والفوضى التي حصلت بالأمس بعد صلاة الجمعة وسط العاصمة أديس أبابا وفي بعض مدن ولاية أوروميا راح ضحيتها قتيلين وعشرات الجرحى وتخريب للممتلكات.
كما حدثت اعتداءات من قبل مثيري الشغب، على رجال الأمن والشرطة، أدت إلى جرح العشرات منهم حسب بيان الشرطة الفيدرالية.
جاءت الأحداث على خلفية إزالة مجموعة من المساجد العشوائية في مدينة “شغر ” المحيطة بالعاصمة أديس أبابا في إطار حملة إزالة العشوائيات التي تقوم بها بلدية المدينة التي تم إعادة هيكلتها مؤخرا بدمج خمس مدن محيطة بالعاصمة.
وأزالت البلدية التي تعمل على اعادة تخطيط المدينة الآلاف من المسكن والبيوت والمباني العشوائية وغير القانونية، مما أدى تضرر الآلاف من المواطنين.
فشل المجلس الإسلامي في دوره القيادي
المجلس الإسلامي، قيادة ومستشارين ونشطاء، يسيطر عليه، حاليا ، التيار الحركي، واستلم ادارة المجلس، العام الماضي، بدعم من الحكومة ضد التيار الصوفي.
وتعتمد التفاهمات بين الأطراف الحكومية وقيادات المجلس على تهدئة الرأي العام الإسلامي الذي تسيطر عليه توجهات الإسلام الحركي بكل تفريعاته -المعتدلة والمتطرفة-، وعلى المساهمة في اخراج المجتمع المسلم من عقدة المظلومية التاريخية إلى المشاركة في بناء الوطن، في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، والتحديات الوجودية التي يواجهها الجميع.
للاسف هذا المجلس فشل في أول اختبار له في قيادة المسلمين في اللحظات الصعبة التي تمر بها البلاد سياسيا واقتصاديا وأمنيًا.
فبدلا من تهدئة الناس، و توجيه المسلمين الى المطالبة بحقوقهم بطريقة سلمية ووسائل قانونية، تولت قيادة المجلس ونشطاء التيار الحركي وأئمة المساجد تجييش الشارع مما فتح الباب لمثيري الشغب ولتقاطعات المصالح والأجندات السياسية،.
بل وتعد الأمور إلى استهداف شخصي ومباشرة لحكومة إقليم أوروميا ورئيسها في دلالة واضحة على دخول المجلس على خط تسييس مسألة ازالة العشوائيات غير القانونية .
وبهذا تحول المجلس ونشطاؤه ومستشاريه إلى أدات لتعميق الخلافات والمناكفات السياسية المتعمقة داخل الحزب الحاكم، وزيادة الاستقطاب على الساحة السياسية المشتعلة أصلا.
فخطابات المجلس وخطب الجمعة وأدعيتها، وكلمات الوعاظ تدعوا الله على إزالة حكم إدارة إقليم أوروميا وتدعوا لتثبيت حكم آبي أحمد، في تملق وابتذال ونفاق واضح.
وهنانقول:
١- تحويل المناسبات الدينية والشعائر الإسلامية إلى مناسبات للمظاهرات السياسية والمطالب الفئوية أمر مرفوض، وأسلوب مفضوح، وهو من أساليب أصحاب الأجندات السياسية وشبكات المصالح المخفية.
فما حصل بالأمس من الشغب ليس له جهة منظمة تتحمل مسؤليته، وانما هي مجرد اعمال شغب استفاد منها اصحاب الاجندات بفضل سلوك الفوضى ” باسم الدين”، الذي تتسم به التيارات الإسلام السياسي.
إن المجتمعات التي لها مطالب واضحة لا تتحرك في الظلام، ولا تخلط الأوراق، بل تعتمد على النضال السلمي القانوني للحصول على حقها.
٢- كان الأولى بالمجلس ونشطائه ووعاظه، العمل فيما يخصهم من أمور الدين، وتهدئة الناس وتوجيههم نحو المطالبة بحقوقهم بطريقة حضارية وبوسائل قانونية، بدل الدخول في مناكفات سياسية مع الأجنحة السياسية في الحزب الحاكم، وبدل تشجيع الناس على التمادي في الفوضوية باسم الدين.
٣- فللأسف وبسبب عقدة المظلومية التاريخية المتجذرة، وبسبب الفكر الحركي التكتيكي الطاغي على العمل الإسلامي تعمل المجموعات المسلمة بأسلوب الأمر الواقع، حيث يعمدون إلى الحوزة على أرض ما بطريقة غير قانونية ثم العمل على تثبيتها إداريا أو بحكم الأمر الواقع، بحجة أنها بيوت الله.
وهذه المسألة تحولت إلى “فوضى عارمة” مع توسع المدن، حيث تجد في الحي الواحد، العشرات من المساجد العشوائية، إذ تقوم كل جماعة ومجموعة ببناء مسجد لا يستوفي أدنى شروط المدنية التي تتماشى مع العصر الحديث، ثم يقومون بتحويله الى بؤرة للعشوائيات حول المسجد. ويقوم كل مسجد بإطلاق العنان لمكبرات الصوت ليلا ونهارا مما خلق جوا من التشوه السمعي والبصري يعاني منه كل ذي عقل وبصيرة، وكلها ” باسم الدين”
وقضية العشوائيات لها أبعاد اقتصادية وسياسية، ومناكفات حركية ومذهبية وعرقية، مما حول المجتمع المسلم الى مجتمع فوضوي ” باسم الدين “.
٤- تحويل عموم المسلمين من قبل التيارات الحركية الى ورقة سياسية يتاجر بها أصحاب المواقف السياسية من تجار الدين ونشطاء الاسلام السياسي، باستغلال العواطف الدينية، أمر في غاية الخطورة، وخاصة في مجتمعات متعددة يسودها استقطاب ديني وعرقي وسياسي حاد مثل اثيوبيا.
لذا نقول ، وفي هذه المرحلة الانتقالية نحو دولة متعددة علمانية وديمقراطية
الدولة معنية ومطالبة بتنظيم الخدمات الدينية لجميع الأديان والطوائف من توفير الأراضي بطريقة قانونية وتنظيم استخدام مكبرات الصوت والمقابر والاحتفالات الدينية والعلاقات بين المؤسسات الدينية والتجمعات الفكرية والخدمية المستقلة، وذلك عبر إجازة قانون عام لتنظيم الحياة الدينية أسوة بالعالم المتحضر.
إن ترك الحياة الدينية لتقلبات المزاج السياسي للحكومات وتلاعبات الحركات الفكرية و السياسية داخل المؤسسات الدينية لهو أمر خطير، كخطورة الرقص على رؤس الأفاعي، فلا تعرف متى لدغتك لدغة مميتة، وكاللعب بالنار، فلا تعرف متى تحرقك.
فعجلوا بالتنظيم قبل أن تأتي النار على الجميع.