نشرت وزارة الخارجية الإثيوبية في نشرتها الأسبوعية، ويك إن ذي هورن، على الإنترنت مقالا حول رؤية إثيوبيا لاتفاقية ١٩٧٢مع السودان والتي تعتبر أساس العملية التفاوضية لحل النزاع الحدودي بين البلدين. وفيما يلي ترجمة نيلوتيك بوست للمقال
دخلت قضية الحدود بين إثيوبيا والسودان في طريق مسدود، بسبب الترسيم الأحادي وغير المصرح به، من قبل سيد استعمار السودان في عام ١٩٠٣. كان ترسيم الميجور غوين مخالفًا لأحكام معاهدة ١٩٠٢ التي دعت إلى إنشاء لجنة حدود مشتركة لترسيم الحدود .
ومنذ ذلك الوقت، ترفض إثيوبيا ترسيم الميجور غوين الأحادي للحدود وتعرب عن قلقها بشأن شخصيته وانحيازه ضد السيادة الإقليمية لإثيوبيا. نتيجة لترسيمه، تم وضع الأراضي الإثيوبية، ولا سيما في قطاع الحدود شمال جبل دقليش تحت سيادة السودان.
وجدير بالذكر أن غوين نفسه أشار في مذكراته التي نُشرت عام ١٩٣٧ إلى أنه “بشكل عام، فإن ترسيم الحدود قد وفر أساسًا عمليًا للتعاملات المستقبلية بين الحكومتين، والتي كانت تدور حول كل ما يمكن توقعه في زمن.” وعليه، فإن الميجور غوين نفسه يوضح بجلاء أن ترسيم الحدود من جانب واحد عام ١٠٩٣ لم يكن نهائيًا وحاسمًا.
معاهدة ١٩٠٢ دعت إلى إنشاء لجنة حدودية، وغوين أشار في مذكراته أن ترسيمه للحدود لم يكن نهائيا
وبالتالي، أدى اعتراض إثيوبيا المستمر، الذي أعقبته سلسلة مفاوضات إلى التقارب بين البلدين، و تبادل مذكرات ١٩٧٢. من خلال التوقيع على المذكرات ١٩٧٢، وافقت كل من إثيوبيا والسودان، و بغض النظر عن قضية صلاحية ترسيم غوين بشكل أساسي، على إعادة ترسيم الحدود بالكامل، والتي ستشمل تصحيحات في القطاعات المختلفة للحدود.
وفي هذا السياق، وافق السودان على التخلي عن موقفه بأن “خط غوين” هو الترسيم النهائي، ووافق على إعادة ترسيم الحدود بناءً على تصحيحات متفق عليها بشكل متبادل. لذلك، فإن تبادل مذكرات ١٩٧٢ هو مظهر من مظاهر نية كل من إثيوبيا والسودان لحل النزاع الحدودي وديًا.
التوقيع على مذكرات ١٩٧٢ يقتضي التخلي عن صلاحية ترسيم غوين ، وإعادة ترسيم الحدود بين البلدين
اعترافًا بتبادل المذكرات لعام ١٩٧٢، أخطرت السودان بالتصديق عليها وأبلغ المتحذة وفقًا للمادة ١٠٢ من ميثاق الأمم المتحدة، لإيداعها في سلسلة معاهدات المنظمة.
وبناءً على ذلك، ولتنفيذ أحكام اتفاقية ١٩٧٢، أنشأت إثيوبيا والسودان آليات مشتركة هي : لجنة الحدود المشتركة، واللجنة الفنية المشتركة للحدود.
عقدت جميع اللجان عدة اجتماعات مستديرة وفق لصلاحيتها. كما وأنشأ البلدان مجموعة عمل مشتركة لأجراء مسوح ميداني بين عامي ٢٠٠٤ و ٢٠٠٥، إضافة إلى توثيق الممتلكات الفعلية لمواطني البلدين.
في ٢٠٠٩، أجرى الخبراء والفنيون من كلا البلدين مسحًا واستطلاعًا مشتركًا على طول الحدود المشتركة جنوب جبل داقيليشي من أجل تسهيل تصحيح خط الحدود.
ومع ذلك، فإن جميع اللجان لم تنجز بعد المهام الموكلة إليها. حتى وقت قريب جدًا حتى يوليو ٢٠٢٠، كانت الحكومة السودانية تقوم بالإبلاغ عن قضايا النزاع الحدودي بناءً على تبادل مذكرات ١٩٧٢.
تنصل السودان من التزاماته، يقوض الحل السلمي للنزاع الحدودي، ويزعزع استقرار المنطقة
ومع كل هذا، يقوم السودان بالاستفزاز والتصعيد، وهو ما يتعارض مع التزاماته السابقة بتنفيذ اتفاقية ١٩٧٢. ومن المؤسف أيضا أن نشهد استفزازات و تصعيد السودان، يأتي في ظل رآسته الحالية للهيئة الحكومية للتنمية ،الإيغاد، في تحد واضح لأهداف الهيئة لتعزيز السلام والاستقرار.
إن المحاولة الأخيرة التي قامت بها حكومة السودانية لرفض صلاحية مذكرات ١٩٧٢ هي دليل واضح على تقويض عملية الحل السلمي للمسألة، والترويج لنية طرف ثالث يستهدف زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.