الفشقة: بين واقع الأمر … وسياسة الأمر الواقع

نورالدين عبدا26 ديسمبر 2020آخر تحديث :
لقاءات اللجنة المشتركة بين البلدين
لقاءات اللجنة المشتركة بين البلدين

على ضوء ورود تقارير حول عدم توصل اللجنة الإثيوبية السودانية المشتركة إلى تفاهمات واضحة حول لترسيم الحدود بدءت العلاقة بين البلدين تأخذ منحا معقدا.
وكان وفد إثيوبي رفيع المستوى وصل الخرطوم في 22 من ديسمبر الجاري برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية دمقا موكونينن لمناقشة المسألة وتداعياتها.

سبق ذلك إعادة تموضع كبير للجيش السوداني في منطقة الفشقة بكل مناطقها الإدارية الذي ظل غائبا عن المنطقة لربع قرن. سيطر الجيش السوداني على كل المناطق والنقاط الحدودية التي يرا أنها تابعة له اتفاقيات 1903 التي تعود لمرحلة الاستعمار ، وقام بطرد المزارعين الإثيوبيين الذين ظلوا يعملون في المنطقة حسب التفاهمات السابقة.
من وجهة نظر إثيوبيا جاءت عمليات الجيش السوداني في ظل انشغال حكومة أبي أحمد بضبط وضعها الداخلي في إقليم تغراي شمال البلاد و المحاذي للسودان، كما أن تلك العمليات تخالف التفاهمات السابقة والتي تقضي بعدم وجود تشكيلات عسكرية رسمية للبلدين حتى الانتهاء من حل المسائل الحدودية العالقة.

السودان مكاسب ميدانية

تنبع مشكلة الحدود بين البلدين في أنه رغم التفاهم العام في اتجاهاتها إلا أنه لم يتم ترسيم الحدود في شكلها النهائي، مما يبقى مجالا واسعا لإثارة الأحقية التاريخية من قبل السكان المحليين على جانبي الحدودو.

يطالب السكان المحليون في إقليم أمهرا الحكومة الإثيوبية وحكومة الإقليم بالمحافظة على المناطق التي يعتقدون أنها تابعة للإقليم تاريخيا، كما أن الحكومة السودانية تحت ضغط كبير من أوساط سياسية واجتماعية لحسم الملف.
وتاريخيا هناك اتفاق بين الجانبين على خلو المنطقة من القطاعات العسكرية والاقتصار على تشكيلات أمنية محلية، وهو ما عزز دور الأطر الأمنية المحلية التابعة لإقليم أمهرا الإثيوبي، لكن الجانب السوداني لم يتمكن من تعزيز الأمن المحلي.
وبطبيعة الحال الوضع السياسي السائب في البلدين والمرحلة الانتقالية التي يمر بها الطرفان لها تأثير كبير على قدرتهما في التعاطي مع هذا الملف بعيدا عن تأثيرات التجاذبات السياسية الداخلية في كلا البلدين ، وودون استغلال من قبل أكراف أطراف إقليمية تسعى إلى توتير العلاقة بين الخرطوم وأديس أبابا.

حوار سياسي لتجاوز تعقيدات ميدانبة

ورغم عدم رغبة قيادات البلدين في تصعيد التوتر وإبقاء الخلاف في إطار الحوار والمفاوضات، فقد بدى بوضوح أن هناك تباين في رؤىة البلدين للمنحى الذي يجب أن تسير عليه محادثات ترسيم الحدود.
فبينما تدعو إثيوبيا للتفاوض لحل الاشكالات الميدانية المعقدة والمتعلقة بالتداخل الاجتماعي والمصالح الاقتصادية للمجموعات السكانية في المناطق المختلف عليها بالمفاوضات على التفاهمات السابقة ، فإن السودان يرى ضرورة حسم الأمر بترسيم الحدود ميدانيا وعمليا، مما دفعه لتبني سياسة الأمر الواقع، وهو ما اعترضت عليه إثيوبيا رسميا خلال اجتماعات لجنة الحدود المشتركة بين البلدين.
فهل تكون الفشقة القش الذي تقصم ظهر البعير ، أم انهاستكون ضربة لاتقطع الظهر بل ستقويه.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق