هل تصمد الهدنة الثالثة في إثيوبيا … نظرة في السيناريوهات

على عمر عمر5 أبريل 2022آخر تحديث :
هل تصمد الهدنة الثالثة في إثيوبيا … نظرة في السيناريوهات

نظرا للظروف الميدانية والسياسية، بات الحسم العسكري أمر متعذرا، واقتنع الطرفان باستحالة الحسم العسكري. وهناك اعتقاد بأن الهدنة، وإن شابها بعض الخروقات، ستصمد في نهاية المطاف، وتفتح الطريق للمسار السياسي.

بمنطق الأرقام، تعتبر الهدنة التي أعلنتها التي تعلنها الحكومة الاثيوبية مرخرا، هي الثالثة، منذ بدء حربها على  جبهة تحرير شعب تيغراي (TPLF)  في نوفمبر من العام ٢٠٢٠

حيث سبق وأعلنت أديس أبابا عن هدنة في يونيو ٢٠٢١ بعد انسحابها من إقليم تيغراي، وتاليا في ديسمبر ٢٠٢١ عندما أعلنت إيقاف عملياتها العسكرية، وعدم نيتها التوغل داخل الإقليم.

على عكس الهدنتين السابقتين أعلنت (TPLF) هذه المرة، قبولها والتزامها بالهدنة وإيقاف الأعمال العدائية، وهو ما يطرح أسئلة متعددة، حول فرص صمود هذه الهدنة، على ضوء الظروف السياسية والميدانية الراهنة، وما هي السيناريوهات المحتملة في ظل المألات المتوقعة.

 هذا ما سوف أحاول الوقوف على مساراته، مع التنويه بأني اعتمدت في قراءتي، على تحليل المعلومات المتاحة من مناقشات ووجهات النظر الفاعلة راهنا كما أدركتها.

ماهي الظروف التي أوجبت هذه الهدنة؟

سؤال عريض وللإجابة عليه، لا يمكن بحال من الأحوال النظر بعيدا عن الأوضاع المأساوية الذي يعيشها شعب تيغراي، والتي انعكست عمليا في تدفق الآلاف منهم إلى الأقاليم المجاورة بحثًا عن الغذاء. وهو مؤشر خطير ينذر بآثار سلبية ستنعكس على إثيوبيا برمتها، إذا لم يتم تدارك الأمر، سيما أن الإقليم خزان بشري سوف ينفجر على الجميع.

هذا ما دفع الحكومة للبحث عن مخارج للأزمة، واتخاذ تدابير عاجلة للحد من تفاقم الأوضاع، وجاءت الهدنة كضمان لتدفق المساعدات الإنسانية إلى الإقليم

في الجانب الآخر، كان على  (TPLF) مع تزايد معاناة المدنيين في الإقليم الغارق في الجوع والظلام، التفكير بطريقة أكثر مرونة بعيدا عن التعنت والاكتفاء بإلقاء اللائمة على الحكومة الفيدرالية، خاصة مع تصاعد حالة الاستياء الشعبي داخل الاقليم، بسبب سوء إدارة (TPLF) والاستبداد والابتزاز الذي يتعرض له السكان، مقابل تلقى الاعانات الغذائية، فكان عليهم التوقف عن اتخاذ شعب تجراي كرهينة، لضمان مصالحها السياسية، وتتحمل المسؤولية، فالتداعيات الإنسانية اخطر مما يجب، وهم كمسؤولين عن ملايين المواطنين في تجراي، امام اختبار و محك حقيقي وأخلاقي بالدرجة الأولى، وبالتالي كان الالتزام بالهدنة هو المخرج المتاح، بدلا من الاستمرار في مسار المغامرات غير محسوبة العواقب.

وقطعا لا يخلوا الأمر من عوامل خارجية أوجبت الهدنة. فـاللقاءات المحمومة التي أجراها المبعوثان الإفريقي والأمريكي، مع كافة أطراف الصراع، ومشاريع عقوبات الكونجرس الأمريكي، التي لا زالت تطبخ على نار هادئة، بلا شك، مثلت عوامل ضغط واضحة لا تقبل التأويل، بضرورة وقف إطلاق النار، وهي تفصيلات في سياق اعرض للتمهيد للدخول في مباحثات سلام.

هل من رافضين لهذه الهدنة؟

طبعا نعم، خاصة من الأقاليم المجاورة، فبعض النخب هناك، يرون ان الهدنة تعطي الفرصة لـ (TPLF) لالتقاط الانفاس، واعاده التمترس لهجوم جديد، وهذا التصور تدعمه تجارب سابقة، ففي هدنة يونيو 2021 بعد انسحاب الحكومة من إقليم تجراي، توغلت  (TPLF) داخل إقليمي امهرا و عفر، وحدث ما حدث، وفي هدنة ديسمبر 2021، توغلوا في خمس مناطق بإقليم عفر، وحدث ما حدث ، واي كانت المبررات العسكرية، فان المدنيين كان هم المتضرر الأكبر، حيث غدوا ما بين قتيل وجريح ونازح، فضلا عن دمار ممتلكاته.

هذه التجارب المريرة تجعل هؤلاء يتوجسون خيفة من مالات كل هدنة، والتي تعتبر بالنسبة لهم، أصعب من فترة الحرب، ففي فترة الحرب – على الأقل – هناك استنفار رسمي وشعبي واعلامي، يضع الازمة في صلب اهتمام الدولة، اما ففي فترة الهدنة، فيتعرض المدنيون في صمت، للانتهاكات والنزوح والتدمير

ما الجديد الذي يضمن نجاح الهدنة؟ 

حسابات الوسطاء الافارقة والغربيين، ترى أن أي هدنة لا تترافق مع عملية سياسية، من الصعب صمودها، لأنه ما لم يستجد جديد فيما يخص الظروف التي يمكن أن تنضج الهدنة عن الظروف التي افشلت سابقاتها سيكون مصيرها الفشل. بلا شك ، لا تخلوا هذه الحسابات من نظرة تشاؤمية.

وهناك اعتقاد بأن الهدنة، وإن شابها بعض الخروقات، لكنها سوف تصمد في نهاية المطاف،  حتى وإن لم تلتزم بها الأطراف عن قناعة.

فبالنظر إلى الظروف الميدانية والسياسية، بات الحسم العسكري لكلا الطرفين أمر متعذر، ويغدوا أكثر صعوبة مع استمرار عمليات القتال. ومهما تغيرت معادلة القوة والحقائق على الأرض تبقى فرص وحظوظ التفاوض في ازدياد.

الحلول الاستئصالية، تقريبا وصل الطرفان إلى قناعة بأنها ” مستحيلة”. و هو ما قد ينضج الظروف لسلك  المسار السياسي التفاوضي.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق