معركة عدوا … عندما تنتصر الإرادة الجماعية لإفريقيا

هل تتمكن إفريقيا اليوم من توظيف الإرادة الجماعية لحجز موقع متقدم في النظام الدولي الجديد

عبد الشكور عبد الصمد6 مارس 2023آخر تحديث :
معركة عدوا … عندما تنتصر الإرادة الجماعية لإفريقيا

تحت شعار الوحدة … الشجاعة … الحسم، جدد الإثيوبيون احتفالاتهم السنوية بمعركة عدوا في الذكرى ١٢٧ للمعركة التي انتصروا فيها على الاستعمار الإيطالي الذي أراد التوغل في العمق الإثيوبي بعد ما كان مستقرا في إرتريا منذ ١٨٨٢م.

اسندت مهمة تنظيم احتفالات هذا العام رسميا إلى قوات الدفاع الوطني (الجيش الاثيوبي)، وهو إجراء يختلف عن المعتاد، حيث كانت تتولى وزارة الثقافة والسياحة تنظيمها مع فعاليات اجتماعية ومدنية.

انتصرت إثيوبيا علي إيطاليا مرتين: الأولى في ٧ ديسمبر ١٨٩٣ في أمبا ألاغي ، جنوب تيغراي وقتل فيها نصف الجيش الإيطالي، وأسر النصف الآخر، وفي الثانية كانت معركة عدوا في الأول من مارس ١٨٩٦ وقتل فيها أكثر من ٤٠٠٠ جندي و٣ من كبار قادة الجيش الإيطالي وأسر الثالث، وجلس الطرفان للتفاوض والاستجابة لشروط إثيوبيا.

والسبب في الخلاف الإثيوبي الإيطالي هو تجسيد للأطماع الأوربية في القارة الأفريقية حقيقة، والسبب المباشر هو الخلاف على تفسير إتفاقية وشالي الموقعة بين منليك وال١٨٨٩م

وفهم الإمبراطور منليك اتفاقية وشالي على أنها أساس للتعاون بينه وبين إيطاليا في علاقاتهما مع الدول الأخرى، بينما ارتأت إيطاليا أن الاتفاقية تعطيها حق الوصاية على علاقات إثيوبيا بالدول الأخرى.

احتشاد من انحاء البلاد

احتشد الإثيوبيون من الجنوب والشرق والغرب والوسط والشمال بجيش يصل تعداده لمائة ألف مقاتل، ومثل فيه الأورومو القوة الضاربة من الخيالة والفرسان بعدد يصل لنحو ١٧ألف فارس، وشكلوا رأس الحربة وعنصر الحسم، ومن أبرزهم فيتوراري ( قائد المقدمة) غبيو، هفتغورغس دينغدي، رأس موكنن ولدميكائيل غديسا، وبالإضافة إلى الرأس محمد علي حاكم وللو ووالد الإمبراطور إياسو، وحاكم تغراي.

واشترك المسلمون بأربعة من أبرز القيادات وهم الشيخ جعفر عثمان من وللو ، والشيخ خوجلي من بني شنغول، والشيخ عمر سمتر، والحاج أبا جفار سلطان جما ، وقدموا التمويل والإمداد اللوجستي الذي تحتاج له المعركة، كما وشارك المسيحيون بقساوستهم ورهبانهم والقائد العام الإمبراطور منليك الثاني بتوجيه وحشد وتعبئة كل متطلبات المعركة، فتم الحسم سريعا.

مثلت انتصار إثيوبيا علي إيطاليا قوة دفع معنوية لكل الشعوب الإفريقية التي يمكن التغلب على الرجل الأبيض طالما تم الأخذ بالأسباب وتهيئة الظروف وعوامل الانتصار، و توافر الإرادة والعزيمة رغم التفوق التقني، واختيار موعد ومكان المعركة، وكانت النتيجة المدوية التي بالإمكان الإستفادة منها والبناء عليها داخلياً وإقليمياً ودوليا.

إفريقيا اليوم واستحقاقات اللحظة التاريخية

واليوم لأفريقيا معارك سياسية مع القوى الدولية بين مشروع حريص على بقاء الأمور على حالها، ومشروع يدعم إصلاح مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، وتمثيل عادل لأفريقيا بكافة المنظمات الدولية، وقضايا اقتصادية تتمثل في الاستغلال غير العادل عبر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وسياساته المجحفة، وملف الديون الذي يستنزف المجتمعات النامية.

كما أن ملف التغيرات المناخية وتأثيرهاتها المكلفة من القضايا التي يجب التوصل لحلول عملية، ومعلوم أن مساهمة أفريقيا في هذا المجال لا تتجاوز ٣٪، بينما تدفع الثمن بما يتجاوز ٦٠٪ اقتصاديا، وتداعيات ذلك على الواقع الاجتماعي والسياسي الداخلي جلية، في شكل اضطرابات وقلاقل أمنية وجرائم مكلفة.

ومن التحديات التي يجب أن يتصدي لها قادة أفريقيا بإرادة جمعية منسقة تفعيل السوق الإفريقية الحرة، وفتح الحدود، وتسهيل حركة الأفراد والمال، ودور ذلك في خلق رأس مال يساعد على خلق اقتصاد حي يبني تنمية حقيقية، ويتم استغلال الموارد الضخمة التي تتمتع بها القارة، ويخلق فرص عمل يتناسب مع سوق العمل الكبيرة لسكان يتجاوز عددهم ١.٤ مليار نسمة.

فهل تتمكن أفريقيا اليوم من توظيف الإرادة الجماعية لحجز موقع متقدم في النظام الدولي الجديد؟ سؤال يتبادر لذهن المتابع للشأن الإفريقي، خاصة في ظل تنافس دولي محموم، مما يحتم على قادتها ونخبها العمل على توافق الرؤى وتوحيد المواقف، واستغلال الفرص التي تتيحها موازين القوى لإخراج قارتنا من الاستغلال والتبعية، ولأداء دور فاعل إقليميا ودوليا، وتكون صمام الأمان لهذا العالم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق