من المستفيد من تحويل مسلمي إثيوبيا إلى وقود للمعارك القادمة ؟!

نورالدين عبدا3 يونيو 2023آخر تحديث :
من المستفيد من تحويل مسلمي إثيوبيا إلى وقود للمعارك القادمة ؟!

غضب كثيرون من مقالي “هل حوّل الإسلام الحركي مسلمي إثيوبيا إلى مجتمع فوضوي “باسم الدين” ؟ ” الذي كتبته تعليقا على أحداث الجمعة 26 إبريل 2023، واعتبره عدد من الناس أنه موجه لشخصهم، وليس الأمر كذلك، والحملة ضدي مستمرة.

ولا بأس في ذلك، فتحريك المياه الراكدة وخلق الإعصار الفكري هو المطلوب، ليتساءل الناس عن جدوى الاستمرار في طريق الضلال، بدل اكتشاف أنه مسدود بعد قرن من الزمان وفوات الأوان.

فأحداث أمس الجمعة ٢ يونيو ٢٠٢٣ في مسجد الأنوار مؤلمة جدا، وذكرتني بمثلها في 1994، أي قبل نحو ثلاثين عاما تقريبا، في نفس مسجد الأنوار، وراح ضحيتها بضعة قتيلا، وبنفس اللاعبين تقريبا على الأقل على المستوى الفكري والسياسي بل وعلى مستوى بعض الأفراد.

لم نتعلم الدرس رغم الشَيب. وجيلا بعد جيل … ما زلنا نعتقد أن النصر مع كثرة التضحيات. ومازال الخطاب الديني يدعو المؤمنين إلى حتفهم وهم يكبرون.

فأحداث جمعة الأمس التي أُزهقت فيها أرواح طاهرة وبريئة مهما كانت انتماءاتها الدينية والعرقية والفكرية، وبغض النظر عن من أطلق الشرارة الأولى للنار، تؤكد أن انتهازية التيارات الحركية قد تبدوا في ظاهرها “فاعلية سياسية ونصرة للاسلام”، ولكنها في واقع الأمر تخلط الأوراق ويستفيد منها من يسعون لحرق المركب.

فمن المسؤل عن تنظيم وتسيير احتجاجات فوضوية ليس لها جهة منظمة تتحمل مسؤليتها؟

المجلس الإسلامي حاول استدراك الأمر بعد أحداث الجمعة الأولى، ودعى للتهدئة رغم افتقاره لزمام المبادرة الأولى، وكان من المفترض أن يتمسك بها منذ البداية كمبدء من مبادئ القيادة.

شباب وفتيات في ريعان عمرهم يسرعون الخطى نحو الموت وهم يكبرون!!

لماذا؟ ومن الذي دفعهم لذلك؟، وما هي المحاضن الفكرية التي تقول لهم واجهوا الرصاص بصدور عارية لتدخلوا الجنة بسلام؟

ألا يوجد طريق للجنة غير إزهاق الروح؟ وما هذا الدين الذي يدعوك للموت في سبيل الحياة؟

نقولها وبملء أفواهنا : ” الفكر الإسلامي الذي يدعو للموت قبل الحياة، وخطاب الكراهية من أدعية اللعن والشتم وتدمير الغير، ومنطق البلاغة والسجع الذي قَزّم سنن الكون والوجود إلى أدعية : ” اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم” وأدعية الامبراطوريات: ” اللهم رد كيدهم إلى نحورهم” و “اللهم اضرب الظالمين بالظالمين” التي تنطلق من على منابر مساجدنا، ومن محاضننا الفكرية هي المسؤل الأول”

وبترجمة ذلك كله، باعتباره دينا، إلى لغاتنا المحلية بسياقاتها الفكرية وخلفياتها الثقافية والسياسية المختلفة فإننا أنتجنا مجموعات بشرية “مؤدلجة ومفككة” لا تدرك الواقع المعقد حولها.

وما يلي ذلك من أحداث فهي مجرد تفاصيل يومية وتحليلات ومؤامرات سياسية من قبل الآخرين، وقصص إعلامية.

إذا كان الأمرفعلا هو احتجاج ودفاع عن الدين والمساجد، فلماذا لا يتقدم الصف أهل الأمر والنهى، فلماذا لا يخرج أهل العباءات المزركشة والبناطيل المهندمة وأصحاب السيارات الفارهة.

معلوم أن الساحة مشتعلة، على خلفية استقطابات سياسية وعرقية ودينية لم تشهد البلد لها مثيلا. فلماذا يتم الدفع بالبسطاء الذين أنهكتهم تحديات الحياة وبالشباب الذين دمرتهم البطالة وتهيأتهم لمحرقة صراعات محلية وإقليمية في هذه المرحلة.

فالجوار مشتعل من حولنا والنار على على أبواب دورنا … ودورنا ليس نحن من نمتلك مفاتيحها وأقفالها.

ما المانع من تأجيل احتجاجات غير منظمة على مساجد غير مرخصة؟! لماذا الانسياق خلف أجندات سياسية ليس لنا فيها غير الضحايا؟! لماذا نقدم أنفسنا كباش فداء في ساحة المقامرات السياسية!؟

من المستفيد من استدعاء ما يسمى ب “العالم الإسلامي” ؟! عالم اشتعلت النيران في أحشائه، والكل مشغول بأحواله وأهواله، استغاث به السوريون فأمطروه براميل نارية.

من المستفيد من استدعاء “عالم العرب” استغاث به يَمَنُهم ( اليمن) فأدخلوه في سبع عجاف سلمته إلى التيه؟

عالم عربي لا يعرف عن الحبشة إلا عبيدها وخَدَمَها، ومستعد لارسال “طيرا أبابيل” للدفاع عن كعبته المشرفة.

يا نشطاء قومي: اعقلوا؟ وأوقفوا هذا الجنون فالعالم مشتعل من حولنا فلا تدفعونا لنكون وقوده باسم الدين والاسلام.

فالدين له رب يحميه … ومن سنن الكون أن الأمم التي لا تحمي نفسها بالأدوات المتاحة لا تحميها أدعية الرحمن، والواقع من حولنا خير دليل.

لست متشائما كما يظن البعض ولكني أنظر للأمور من زاوية قد تبدو نشازا.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق