أعلن مجلس الوزراء الإثيوبي فرض حالة الطواري في إقليم أمهرا ، ثاني أكبر أقاليم البلاد.
وتستمر حالة الطوارئ ستة أشهر قابلة للتمديد، ومن المتوقع المصادقة عليها من قبل البرلمان في جلسته استثنائية.
ويأتي إعلان حالة الطوارئ في أمهرا على خلفية المواجهات التي يشهدها الإقليم بين قوات الأمن ومليشيات الفانو الأمهرية ذات توجهات يمينية متطرفة، و تسعى للإطاحة بحكومة آبي أحمد وتغيير نظام الفيدرالية الإثنية المعمول به في البلاد منذ ١٩٩١م
ودستوريا، جاء فرض حالة الطوارئ بعد مطالبة حكومة الإقليم من الحكومة المركزي رسميا بالتدخل والدعم لضبط الأمن في الإقليم الذي يشهد حالة من التوتر السياسي والانهيار الأمني.
الأمهرا و تداعيات حرب تيغراي
وكان الأمهرا من أكثر المشجعين لحرب الشمال بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير شعب تيغراي والتي استمرت عامين ( نوفمبر ٢٠٢٠- نوفمبر ٢٠٢٢) ، وانتهت باتفاقية بريتوريا للسلام برعاية إفريقية ودولية.
وشارك الأمهرا في حرب إقليم تيغراي المجاور بكامل قواهم الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وبحماس منقطع النظير، بهدف استعاد المناطق المتنازع عليها مع تيغراي ( ولقاييت في غرب تيغراي ، والاماطا في جنوب تبغراي) وعلى أمل القضاء سياسيا على جبهة تيغراي والاستفراد بالمشهد السياسي في الشمال ثم العمل على تعزيز مواقعهم في المركز.
ومثلت مليشيات الفانو الأمهرية والقوات الارترية التي تدخلت في الحرب الى جانب الحكومة المركزية رأس الحربة في حرب تيغراي، و مثل الطرفان ( الفانو والقوات الارترية) ومثلت القوة البشرية الضارب في الحرب ضد قوات دفاع تيغراي ودعم الجيش الإثيوبي.
وعلى النقيض من كل آمال وتوقعات الأمهرا واريتريا في القضاء على جبهة تيغراي، جاءت عملية السلام وقطعت الطريق على المشروع السياسي الجديد للأمهرا، وحولت جبهة تيغراي من تنظيم إرهابي إلى لاعب سياسي محوري.
وهو ما أحدث خيبة أمل كبيرة ادت الى ردات فعل عنيفة أمنيا واجتماعيا داخل إقليم أمهرا، وفجرت خلافا سياسيا عميقا بين التيارات والنخب السياسية الأمهرية على خلفية التعامل مع الاصطفافات السياسية لمرحلة ما بعد حرب تيغراي، والاستجابات المختلفة للتحديات التي تواجه الأمهرا كقومية.
ويتهم الأمهرا حكومة آبي أحمد “بالخيانة” والتخلي عنهم بعد الاستفادة من دعمهم في تحجيم جبهة تيغراي، ومطاردة مليشيات الفانو بعد الاستفادة منها في حرب تيغراي.
تنامي المد القومي الأمهري
ويعيش الأمهرا حالة من الغليان في ظل تنامي المد القومي بقيادة حركة أمهرا القومية التي تدعو الى استعادة مكانة الامهرا كقوة سياسية ودينية وثقافة محورية في تكوين إثيوبيا الحديثة .
ويقع الاقليم الذي يعتنق معظم سكانه المسيحية الأرثوذكسية في شمال البلاد. ويمثل الاساس السياسي والثقافي لإثيوبيا الحديثة، وإليه ينتمي الامبراطور منليك الثاني الذي كون إثيوبيا في ١٨٨٦.
ويعارض الأمهرا نظام الفيدرالية الإثنية الذي تم اعتماده في دستور ١٩٩٤ والمعمول به حاليا.
ويمنح النظام حكما ذاتيا واسع النطاق يصل لحد تقرير المصير، للمكونات العرقية في البلاد، و هو ما منح القوميات المهمشة تاريخيا وخاصة الأورومو، والتي ينتمى لها آبي أحمد، الفرصة لتصدر المشهد السياسي.
ويتهم الأمهرا النظام السياسي الاثيوبي بسلب مجموعات الأمهرا المنتشرين في أنحاء البلاد حقوقها السياسية، حيث ربط بين الاستحقاق السياسي والانتماء العرقي والاقليمي، وهو ما أفقد مجموعات الأمهرا المنتشرة في أقاليم البلاد بحكم كونها القاعدة السياسية والبيروقراطية للأنظمة السابقة فاعليتها السياسية ضمن نظام الفيدرالية الإثنية الحالي.
ويسعى الأمهرا لتغيير نظام الفيدرالية الإثنية، واستبداله بنظام وحدوي مركزي، وهو ما وضعهم في مواجهة سياسية مباشرة مع جميع المكونات العرقية.