عقد حزب الازدهار الحاكم في إثيوبيا مؤتمره الأول بين ١١-١٣ مارس ، بحضور ١٥٠٠ مندوب يمثلون أكثر من ١١ مليون من أعضاء الحزب الذي يصف نفسه بأكبر تجمع سياسي على مستوى إفريقيا.
وكانت اللجنة الوطنية للانتخابات وجهت مذكرات لـ ٢٦ حزبا سياسيا، طالبت فيها بعقد مؤتمراتها العامة واختيار قياداتها حسب قانون الأحزاب.
ولم تتمكن الأحزاب السياسية، ومن بينها حزب الازدهار، من عقد مؤتمراتها العامة خلال الفترات الماضية على خلفية الأوضاع السياسية والأمنية السائدة في البلاد ، وحالات الطوارى، والظروف التي فرضتها جائحة كورونا.
وانتهى المؤتمر بانتخاب آبي أحمد رئيسا للحزب حيث حصل على ١٤٨٠ صوتا، يليه آدم فارح من إقليم الصومال بـ ١٣٣٠، صوتا. كما تم انتخاب دمقا موكونين من إقليم أمهرا نائبا ثانيا.
من جبهة ثورية متعددة الأقطاب … إلى حزب سياسي موحد القيادة
ولد حزب الازدهار من رحم تحالف الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا ( تحالف الجبهة) الذي حكم البلاد من ١٩٩١ وحتى ٢٠١٨.
ويتكون تحالف الجبهة من أربعة أحزاب إثنية تمثل القوميات المركزية في البلاد بقيادة جبهة تحرير شعب تيغراي التي تمثل إقليم تيغراي شمال البلاد.
و فقدت جبهة تيغراي قيادتها للتحالف وللحكومة المركزية بوصول آبي أحمد للسلطة في ٢٠١٨، على وقع احتجاجات شعبية بقيادات شباب الأورومو ” قيرو” ضد التهميش السياسي والاقتصادي.
وتعتبر قيادة جبهة تيغراي لحكم إثيوبيا خلال العقود الماضية، استمرارا لقيادة الشمال بؤحاديته اللغوية والدينية لمركز الدولة الاثيوبية التي تأسست، بشكلها الحالي، على يد الإمبراطور منليك في ١٨٨٦.
في ١٩٩٤ اعتمد تحالف الجبهة الدستور الحالي، الذي ألغى المركزية السياسية والثقافية، وأعادهيكلة الدولة في أقاليم إثنية تتمتع بحكم ذاتي، وهو ما اعتبرته النخب التقليدية إيذانا بدخول لا عبين جدد إلى المركز السياسي.
في ٢٠١٩ ، قام أبي أحمد بحل تحالف الجبهة و تأسيس حزب الازدهار من الأطر التنظيمية التابعة لأحزاب التحالف مع ضم تحالفات من الأحزاب التي تمثل الأقاليم الطرفية كالصومال والعفر وبني شنغول.
ضم أحزاب الأقاليم الطرفية إلى حزب سياسي شكل نقطة تحول في تركيبة الحكم في إثيوبيا، حيث تضمن الهيكلة الجديدة إمكانية وصول أي سياسي من تلك الأقاليم التي ظلت مهمشة، وهو ما بدا واضحا في نتائج انتخابات المؤتمر الأول.
اللجنة التنفيذية والمركزية .. بين الجنوب والشمال
تضمن برنامج جلسات المؤتمر مراجعات لمسار الحزب خلال السنوات الثلاثة الماضية من عمره، والتي تخللتها تحديات التحول السياسي من والنزاعات الإثنية والفساد المستشري في مفاصل الدولة، والاقتصاد المتهاوي.
وهي قضايا ورثها الحزب من تحالف الجبهة ، إلا أنها استفحلت بفعل الخلاف بين التيارات السياسية على مستقبل الدولة وهويتها.
وانتخب الحزب ٢٥٥ عضوا للجنة المركزية ، و٤٥ عضو للجنة التنفيذية. وحسب قانون الازدهار يتمتع إقليم أوروميا ب ٤٠٪ من مقاعد اللجنة المركزية والتنفيذية يليه إقليم أمهرا وتيغراي ثم الصومال.
وقال رئيس إقليم الصومال مصطفة عمر في تغريدة على تويتر، ” مع حصولنا على مركز نائب رئيس الحزب الحاكم، وأربعة أعضاء في اللجنة التنفيذية، و٢٣ عضوا في المركزية، و ٣ وزراء و ٣ نواب وزراء، فمطالبتنا بمركز السلطة تؤتي أكلها، وأضاف ” الآن نحن التيار الرئيس ونحن المركز”
في ظل التغيرات التي تشهدها إثيوبيا منذ عقود، وبراغماتية آبي أحمد، ذي الأصول المسلمة والأورومية، وعلى ضوء حرب تيغراي التي استنزفت قطبي الشمال الإثيوبي (أمهرا وتيغيراي)، ودخول الأقاليم الطرفية إلى مركز السلطة، يبدو أن كل العوامل متاحة لانتقال مركز السلطة في إثيوبيا من الشمال الحاكم تقليديا إلى الجنوب المقاوم تاريخيا.
ومع ذلك يبقى السؤال : هل تختلف حظوظ الشعوب والأمم مع تغيير مراكز سلطة دولها!؟