مع اشتداد الصراع في تيغراي، ودخول الحكومة الإثيوبية وجبهة تيغراي المتمردة إلى مفاوضات مباشرة، ازدادت وتيرة التفاعلات حول ملف حقوق الإنسان وجرائم حرب تيغراي.
فقد اتهم تقريرلمنظمة العفو الدولية القوات الارترية بقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا خارج نطاق القضاء في بلدة شيرارو، شمال غرب إقليم تيغراي بين 6 و 12 سبتمبر 202.
من جهة أخرى قالت اللجنة الدولية لخبراء حقوق الإنسان الخاصة بإثيوبيا في تقريرها الذي تم تسليمه يوم الخميس 27 أكتوبر إلى لجنة الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، إن القوات الإثيوبية والإريترية والتغراوية قد ارتكبت جميعها انتهاكات خلال الأعمال العدائية التي بدأت قبل عامين.
وحذرت عضو لجنة الخبراء الدولية، البرماوية راديكا كومارسوامي أعضاء لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة “هناك جرائم وشيكة إذا لم تتوقف الأعمال العدائية”
اقتراح إجراءات عدلية
واقترحت لجنة الخبراء إنشاء آلية عدالة تحت إشراف الاتحاد الأفريقي للتعامل مع جرائم الحرب في تيغراي.
واشتكت اللجنة من عدم تعاون الجكومة الإثيوبية في السفر إلى المناطق الشمالية لتقييم الأوضاع الإنسانية ميدانيا. ورغم ذلك تعهدت راديكا استمرار اللجنة في جمع الأدلة وتهيئتها للأطر العدلية ضمن الاتحاد الإفريقي.
لكنها استبعدت،في نفس الوقت، إحالة الملف الإثيوبي إلى مكحمة الجنايات الدولية.
وجاءت مقترحات اللجنة بعد يومن من انطلاق جولة المفاضات الأولى والمباشرة. وأكدت راديكا استمرار اللجنة في المتابعة والتحقيقات، وقالت “لا يمكن التخلي عن العدالة لأن إجرات السلام بدءت، وأردفت … “العدالة والسلام يجب أن يسيرا جنبا إلى جنب”
وفي ظل رفض الحكومة الإثيوبية التعاون أكدت راديكا لجوء اللجنة إلى الأقمار الصناعية وتقنيات أخرى لمتباعة الانتهاكات و توثيق الأدلة .
الحكومة الإثيوبية… هناك نية مبيتة ضد البلاد
ودأبت الحكومة الإثيوبية على توجيه انتقادات للجنة، واعتبارها أدات لأجندة سياسية ضد البلاد.
وفي معرض رده على مقترحات لجنة حقوق الإنسان الدولية الخاصة بإثيوبيا وصف مندوب إثيوبيا الدائم في الأمم المتحدة السفير تاي أسقسيلاسي تقرير اللجنة ب ” سطحي وغير متماسك”
وقال تاي في تغريدة له في 28 أكتوبر “وجدت اللجنة لحسابات سياسية” ، واتهم الجهات التي تحركها بالسعي “لخلق دارفور أخرى” في إشارة إلى دعوات لإدخال الوضع في تيغراي ضمن مهددات الأمن الدولي والإقليمي.
وتحاول الحكومة الإثيوبية التأكيد على التزاماتها الإنسانية مع الحفاظ على حقوقها السيادية في تواجد جيشها الوطني في أي جزء من البلاد، بما في ذلك إقليم تيغراي.
وفي هذا الصدد، قال تاي أسقسيلاسي في مؤتمر صحفي بعد جلسة مجلس الأمن يوم الأحد 30 أكتوير، ” أكدنا على التزام حكومة إثيوبيا بحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية” ودعا أعضاء المجلس إلى تجنب اتخاذ خطوات قد تلقي بظلال من الشك على عملية السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي، حسب قوله.
وتفاعل قطاع عريض من الإثيوبيين مع هذا الموقف بغضب شديد، و اعتبروه نمطا جديدا للاستعمار، وتغولا على سيادة الدول، وتسيسا لملف الحقوق والحريات.
ضغوط سياسية للدفع نحو السلام … أم خطوات ثابتة نحو دارفور جديدة
ويرى مراقبون أن التلويح الأمريكي والأممي بملف العدالة والملف الإنساني يأتي في إطار الضغوط المتوالية على أطراف الصراع للتوصل إلى وقف لإطلاق النار والدخول في مفاوضات طويلة الأمد.
ويتخوف آخرون من أن التلويح بإجراءات العدالة “سابق لأوانه” ، لأنه قد يدفع بأطراف الصراع بالاندفاع نحو الحسم العسكري، أوإطالة أمد الحرب، وخلط الأوراق، هربا من المتابعة والمحاسبة الدولية.
وفي كل الأحوال تزداد القناعة بين المراقبين للوضع أن ملف “انتهاكات حرب تيغراي” سيبقى سيفا مصلتا على إثيوبيا والمتورطين في الحرب. ويبدو أن توجهات الجهات الحقوقية ستذهب به حتى آخر المطاف، مع استغلال الجهات الغربية للملف بين الحين والأخرى لأهداف سياسية.